مرحبًا بكم في أرشيف التاريخ والأنساب العربية – نحن نهتم بكشف أسرار التاريخ العريق والأنساب الأصيلة. لا تنسوا متابعة أحدث المقالات.

الاثنين، 12 مايو 2025

قبائل الأنصار بين ليبيا ووادي عتبة: روافد النسب والتاريخ

أنصار وادي عُتبة وهجرتهم من بلاد الحجاز


لوحة فنية تمزج الأسطورة بالتاريخ، تجسد رحلة الأنصار إلى وادي عتبة. تتوسط اللوحة واحة خضراء محاطة برمال ذهبية، يتخللها سبع شواهد حجرية تُمثل الشهداء السبعة. خلف كل شاهد، يظهر فارس شفاف يمتطي جوادًا عربيًا، يرفع راية خضراء مزينة بكلمة "الأنصار"، في مشهد يمزج الأصالة بالقداسة. في الخلفية، جبال شاهقة تلوح في الأفق تحت سماء صافية، تتخللها أشعة الشمس الذهبية. اللوحة تروي قصة الانتماء والجذور الممتدة في أرض ليبيا.


قال تعالى:
﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[سورة التوبة: الآية 101]

ويقول الشاعر:  
قَوم هُم في الدجى للناس اقمار         وهم لمن هجر الاوطان انصارُ

النور المتوهج في صحراء الجنوب


تتناثر حبات اللؤلؤ على صفحات التاريخ، حين يمتزج عبق الماضي بأريج الحاضر، ويتلألأ نور السلف في وجوه الخلف، فتشرق الأرض بنور ربها. هكذا كانت قصة الأنصار الذين حملوا مشاعل النور من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وطافوا بها أرجاء المعمورة، يبددون ظلمات الجهل، ويضيئون مصابيح العلم والهداية.
قال النبي ﷺ:"الأنصارُ لا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ"(صحيح مسلم).
ويقول سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر رسول الله ﷺ في فضل الأنصار:

إِنَّ الْأَنْصَارَ عِتْرَةٌ وَأُولُو نُهًى
حَلَّتْ عَلَى الْهَادِي بِهِمْ أَيْدِينَا
نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ وَالْحَقَّ وَالْهُدَى
وَكَانُوا لَنَا جُنَّةً وَحِصُونًا

منذ أن ارتحلت قوافل الصحابة رضوان الله عليهم من يثرب، حاملين نور الإسلام ورسالة النبي ﷺ، كان للأنصار شرف السبق في نشر الهداية في مختلف الأرجاء والأصقاع. ومع تعاقب الأزمان والأحداث، وتوالي الأجيال والحقب، استقر بعض أحفاد الأنصار في أرض ليبيا الطيبة، فتجذروا في ترابها وأصبحوا جزءًا أصيلًا من نسيجها الاجتماعي والديني والثقافي.

في رحاب مدنٍ ليبية متعددة، تردد صدى الأسماء الأنصارية العريقة؛ فمن زليتن العامرة حيث آل عبد المحسن (الطواهر أو بن طاهر) الذين ذاع صيتهم بالعلم والقضاء والفقه، إلى طرابلس العتيقة التي تحتضن آل العسوس، أحفاد النائب الأنصاري الأوسي الأندلسي، الذين أسسوا جامع العسوس الشهير الذي ظل منارة للعلم والعبادة عبر القرون. وفي جنوب البلاد الشاسع، تألق المرابطون الأنصار (آل سبال العين) في براك الشاطئ وسبها، يحملون معهم إرث الشيخ عبد الله سبال العين الأنصاري، ويواصلون مسيرة العطاء والبذل.

كما امتدت جذور الأنصار الضاربة في عمق التاريخ إلى غات الساحرة حيث آل محمد الصديق الأنصاري، وظهرت عائلات أنصارية عريقة في زوارة الساحلية وأوباري الصحراوية، كأبناء محمد نافع الأنصاري وأبناء عبد الحفيظ الأنصاري، ممن حملوا مشاعل العلم والدين والإصلاح، ليظلوا عنوانًا مشرقًا على تمازج الأصالة مع الحياة المعاصرة، ورمزًا للتراث الإنساني الخالد.

وفي وادي عتبة، ذلك الوادي الذي تتعانق فيه رمال الصحراء مع سفوح الجبال، حيث يسكن أحفاد الفرسان المجاهدين يوسف الانصاري وسليمان الأنصاري - أحد الشهداء السبعة الأنصار - تواصلت هذه المسيرة المباركة بخطوات واثقة وعزيمة لا تلين. هناك، حيث تحتضن الرمال الذهبية أسرار التاريخ المكنونة، بقيت هذه العائلات الكريمة محافظة على هويتها الأصيلة، تحمل في ملامحها عبق النسب الأنصاري، وتفخر بإنجازات علمائها وشيوخها ومفكريها عبر الأزمان.

ملحمة الهجرة من أرض الرسول إلى قلب الصحراء


إن الحديث عن السادة الأنصار في وادي عتبة هو استدعاء لذاكرة تختزن تاريخًا حافلًا بمآثر الأنصار في ليبيا العزيزة، حيث التقى عبق الماضي المجيد مع إشراق الحاضر الواعد، واستمر فضلهم في الحركة العلمية والدينية والاجتماعية عبر الأجيال المتعاقبة. ومن هذا المكان الذي تعبق أرضه برائحة التاريخ، تنطلق حكايتنا المتألقة عن هؤلاء الرجال الأوفياء، الذين حافظوا على إرثهم وعزتهم وكرامتهم في قلب الصحراء الكبرى.

انطلقت هجرة الأجداد السبعة الأنصار من قبيلة الخزرج الأنصارية العريقة من المدينة المنورة، مركز الدعوة الإسلامية المشع ومقر القيادة لجيوش الفتح الإسلامي المظفرة، في زمن حملات الفتوحات الإسلامية للشمال الأفريقي بين عامي (46هـ - 52هـ) أبان الدولة الأموية فترة حكم سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه . وتشير الروايات الشفهية المتواترة والمتناقلة عبر الأجيال إلى أنهم سلكوا طريقًا وعرًا عبر جبال تبوك الشامخة، وعبروا أرض الكنانة مصر، فنزلوا بصحراء نويبع المصرية ذات الجمال الخلاب، ثم توجهوا بهمة عالية وعزيمة لا تنثني إلى برقة الليبية في شرق البلاد.

واستمر الركب الحجازي المبارك في رحلته الشاقة، يطوي الفيافي والقفار، ويتحدى صعوبات الطريق ومشقات السفر، حتى وصل إلى سلطنة زويلة، العاصمة الإسلامية الأولى لفزان التاريخية، حيث استقر بهم المقام أخيرًا في وادٍ خصيب يعرف حاليًا بوادي عُتبة، وأسسوا بلدة تعرف الآن بأم الحمام. وهي قرية ضاربة في عبق التاريخ، متجذرة في أعماق الزمن، ونرجح أن سبب تسمية هذه البلدة الوادعة يعود إلى قرية أم الحمام الواقعة في الحجاز، مما يعكس امتدادًا تاريخيًا وجغرافيًا وثقافيًا بين المنطقتين، ويؤكد الصلة الوثيقة بين الموطن الأصلي والموطن الجديد.
وتعدد الروايات حول أصل تسمية وادي عُتبة بفزان، فمن قائلٍ إنها تعود للصحابي الجليل عتبة بن غزوان رضي الله عنه - أحد قادة الفتح الإسلامي - لمروره بالمنطقة، وأراء تُرجح أنها نُسبت إلى عُتبة بن ثعلبة بن عُتبة بن عوف بن مالك بن عمرو بن الكعبين بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي. 

والرأي الأرجح - بحسب تحقيق العلماء - أن التسمية مرتبطة برجالٍ من الصحابة أو تابعيهم الذين حلّوا بهذا الوادي الطاهر خلال فتوحات إفريقية، مما يؤكد الامتداد التاريخي للإسلام في ربوع الصحراء الكبرى، ويُظهر كيف حفظت الجغرافيا أسماء الرعيل الأول في ذاكرتها.

شهادة من أعماق التاريخ


حدثنا السيد عبد الله السنوسي الزوردي الأنصاري في يوم الحادي والعشرين من شهر أغسطس عام 1990م قائلاً بصوت يختزن عبق التاريخ: "في بلدة تساوه الوادعة بوادي عتبة الخصيب بفزان العريقة، توجد مقبرة مهيبة تعرف بمقبرة السبعة الأنصار، نسبة إلى أجدادنا الشهداء السبعة من جند الفتح الإسلامي المظفر القادمين من أرض الحجاز المباركة. لقد استشهد هؤلاء الأجداد الأبرار في معركة المحيلة الخالدة التي دارت رحاها بين جند الفتح الإسلامي المجاهد وسكان فزان من الجرمنتين،
هي مواجهة عسكرية بين الجيش الإسلامي وقبائل الجرمنتيين البربرية في منطقة 
فزان (جنوب ليبيا). أسبابها تمثلت في رفض الجرمنتيين الخضوع للحكم الإسلامي بعد سقوط طرابلس، وقاموا بمهاجمة القوات الإسلامية، ما دفع المسلمين لشن حملة تأديبية. اعتمد الجرمنتيون فيها على الحصون الجبلية وحرب العصابات، بينما استخدم المسلمون تكتيكات السرعة والمفاجأة. انتهت المعركة بانتصار المسلمين، مما أسفر عن إخضاع فزان، ودفع الجزية، وفتح الطريق لانتشار الإسلام بين قبائل المنطقة. كما مهدت لاحقًا لفتح كامل ليبيا في العهد الأموي.

يقول شوقي مدحا في الأنصار وشجاعتهم:

أولئكَ قومٌ إن سُئلتَ بفضلِهم تجدْهم خيارَ الناسِ فعلاً وأطهرا
فوارسُ يومَ الروعِ إن أبصرتَهُمُ رأيتَ بأيديهم أسنّةً وأسمرا 
ومن شهداء هذه الملحمة البطولية: يونس الأنصاري، وعطية الأنصاري، وعمر الأنصاري، وخليفة الأنصاري، وأبو بكر الأنصاري، ويوسف الأنصاري، وسليمان الأنصاري. وقد دفنوا بإجلال وإكبار في مقبرة الوادي المعروفة بمقبرة السبعة بتساوه، وظلت معروفة بهذا الاسم حتى يومنا هذا، شاهدة على تضحياتهم الجسام ومآثرهم الخالدة".

نسبهم العريق وفروعهم المباركة


يرجع نسبهم الطاهر إلى الأنصار الخزرج، أحد فروع الأنصار المجيدة بالمدينة المنورة المطهرة بأرض الحجاز المباركة. ويتصل نسب أنصار وادي عُتبة حسب روايات الأجداد المتواترة بالصحابي الجليل والشاعر الفذ ((حسان بن ثابت الخزرجي الأنصاري)) رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدافعه بلسانه وقلمه وشعره.
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدح قومه بني النجار، ويُذكِّر بمواقفهم مع النبي ﷺ:
بَنِي النَّجَّارِ مَا أَجْدَى وَأَكْرَمَ
عَلَى الْأَعْدَاءِ فِي يَوْمِ الْكَرَارِ
فَإِنَّكُمْ أَذَادْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
بِضَرْبٍ يُذْهِبُ الْأَبْصَارَ
وتنقسم قبيلة أنصار وادي عتبة بجذورها الضاربة في أعماق التاريخ إلى عشيرتين كبيرتين رئيستين هما:

عشيرة السلائمية المجيدة

يرجع نسبها الأصيل إلى سليمان الأنصاري، أحد الأنصار السبعة الأبطال، دفين بلدة وادي عتبة الطاهرة. وتتفرع هذه العشيرة العريقة إلى عدة لحمات (بيوت) تحمل إرث الأجداد وتواصل مسيرتهم النبيلة:

1. بيت الشيخ عبد الله الزوردي: وهو عبد الله - المكنى بالزوردي - بن محمد الصَّالح بن يحيى بن إمحمد سلامة بن سليمان الخزرجي الانصاري. ويستوطن أفراد هذا البيت الكريم بلدة تساوة الوادعة بمنطقة وادي عُتبة الخصيب، ولهم فروع منتشرة في ربوع متعددة، منها "مدينة مرزق العريقة، وبلدة الحطية بوادي الآجال الشهير". وقد امتدت فروعهم وأغصانهم خارج حدود الوطن، حتى بلغت دولة الجزائر الشقيقة في ولايتي المنيعة وعنابة، حاملين معهم تراث أسلافهم وعلمهم وفضلهم.

2. بيت الفقيه عُمر: وهو الفقيه عمر بن الفقيه علي بن سلامة بن سليمان الخزرجي الأنصاري. ويقطن أفراد هذا البيت المبارك في قريتي الفخفاخة وإبريك بمنطقة وادي الآجال (المعروف أيضاً بوادي الحياة). ويعرفون في الوقت الحالي بأولاد الرضاء وأولاد حيدر، وإحدى بطونهم المعروفة تسمى بعائلة عبد الوهاب المقيمة في مدينة سبها الحديثة.

3. بيت الشيخ الفقيه علي: وهو الشيخ الفقيه علي بن يحيى بن محمد الصالح بن يحيى بن سلامة بن سليمان الخزرجي الأنصاري. ويقيم أفراد هذا البيت العلمي في بلدة تساوة الهادئة ومدينة سبها النابضة بالحياة، ولهم فروع ممتدة خارج حدود الوطن في دولة تشاد الشقيقة وجمهورية الكونغو برازافيل، حاملين معهم رسالة الأجداد في نشر العلم والفضيلة.

عشيرة الجعافرة الكريمة

يرجع نسبها النبيل إلى يوسف الأنصاري، أحد الأنصار السبعة الشهداء، دفين بلدة وادي عتبة المباركة. وتتكون هذه العشيرة الأصيلة من لحمتين (بيتين) رئيسيين:

1. بيت الفقيه يوسف: وهو الفقيه يوسف بن حمد بن عمر بن سيدي الشيخ إمحمد بن جعفر بن يوسف الخزرجي الأنصاري. ويقيم أفراد هذا البيت الفاضل في تساوة الواقعة بوادي عتبة، وبلدة تاروت المتميزة بوادي الشاطي، وبلدة بنت بيه الجميلة بوادي الآجال، بالإضافة إلى مدينة سبها الحديثة، منتشرين كالنجوم في سماء الوطن.

2. بيت الفقيه إمحمد: وهو الفقيه إمحمد بن الفقيه الطيب بن الحاج عبد العزيز إمحمد بن جعفر بن يوسف الخزرجي الأنصاري. ويقيم أفراد هذا البيت العريق في بلدة تساوة الهادئة بوادي عتبة الخصيب، محافظين على تراث الأجداد وقيمهم النبيلة.


أنصار وادي عتبة علماء ومجاهدين وفقهاء


صورة تاريخية للمجاهد الليبي عبد الله السنوسي محمد الزوردي السلائمي الأنصاري، أحد أبرز المقاتلين ضد الاستعمار الإيطالي في منطقة برقة، والذي انضم تحت قيادة الشيخ عمر المختار وشارك في معارك بطولية مثل رأس مراوة وتاكنس والمخيلي.

عرف أنصار وادي عتبة منذ قرون عديدة بمكانتهم العلمية المرموقة وجهادهم المستمر في سبيل الله ودفاعهم عن الدين والوطن. اشتهر هؤلاء الرجال الأفذاذ بالعلم والفقه والجهاد، حيث قدموا إسهامات عظيمة في نشر العلم الشرعي وتعليم القرآن الكريم وإقامة العدل ومحاربة الظلم والاستبداد. كما كان لهم دور بارز في مقاومة الاستعمار الإيطالي والفرنسي في شمال أفريقيا، خاصة في منطقة برقة الليبية والجنوب الجزائري.

تميز أنصار وادي عتبة بأصالة النسب، والتمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة والدفاع عنها، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل نشر العلم والمعرفة ومقاومة المحتل.

 والأن نسلط الضوء على أبرز علماء ومجاهدي وفقهاء أنصار وادي عتبة، مع بيان إسهاماتهم العلمية والجهادية وتأثيرهم على المجتمع المحلي والإقليمي.

أبرز علماء ومجاهدي وفقهاء أنصار وادي عتبة 

الفقيه يوسف بن حمزة بن عمر بن جعفر بن يوسف الخزرجي الأنصاري (1070هـ/1660م)


يعد الفقيه يوسف بن حمزة من أقدم علماء أنصار وادي عتبة الذين وصلتنا أخبارهم، حيث عاش في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي). اشتهر بعلمه الغزير في الفقه الإسلامي وتدريسه للطلاب في المساجد والزوايا، كما كان له دور كبير في نشر العلم الشرعي بين أبناء المنطقة والحفاظ على الهوية الإسلامية في زمن كانت فيه المنطقة تواجه تحديات كبيرة.

الفقيه يحيى بن محمد الصَّالح بن سلامة (السلائمي) بن سليمان الخزرجي الأنصاري (1096هـ/1685م)


عاش الفقيه يحيى بن محمد الصالح في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، واشتهر بلقب "السلائمي" نسبة إلى جده سلامة. كان من أبرز فقهاء عصره، وتميز بسعة العلم والاطلاع، خاصة في مجال الفقه والتفسير. قام بتدريس العلوم الشرعية لطلاب العلم في وادي عتبة والمناطق المجاورة، وكان له تأثير كبير على الحركة العلمية في المنطقة.

الفقيه عمر بن الفقيه علي بن سلامة بن سليمان الخزرجي الأنصاري (1102هـ/1691م)


عاصر الفقيه عمر بن علي الفقيه يحيى السلائمي، وكان من أعلام الفقه الإسلامي في وادي عتبة. تتلمذ على يد كبار علماء عصره، وأخذ عنهم مختلف العلوم الشرعية. اشتهر بغزارة علمه وقوة حجته، وكان مرجعا للفتوى في المنطقة. كما اهتم بنشر العلم وتربية الأجيال، فتخرج على يديه العديد من طلبة العلم الذين واصلوا مسيرته التعليمية.

الفقيه إمحمد بن الفقيه الطيب بن الحاج عبد العزيز بن إمحمد بن جعفر بن يوسف الخزرجي الأنصاري (1117هـ-1121هـ/1706م-1711م)


عاش الفقيه إمحمد بن الطيب في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، وكان من سلالة العلماء والفقهاء. تميز بالذكاء والنبوغ المبكر، وتتلمذ على يد كبار علماء عصره. تولى التدريس والإفتاء في وادي عتبة، وكان له دور بارز في نشر العلم وخدمة المجتمع. ترك العديد من الطلاب الذين تابعوا مسيرته العلمية.

الشيخ عبد الله بن محمد الصَّالح بن يحيى بن إمحمد سلامة بن سليمان الخزرجي الانصاري (القرن الثالث عشر الهجري)


عاش الشيخ عبد الله بن محمد الصالح في القرن الثالث عشر الهجري، وكان من سلالة الفقيه يحيى السلائمي. اشتهر بعلمه الغزير وتقواه وورعه، وكان مرجعا في الفتوى والقضاء. اهتم بتدريس العلوم الشرعية والعربية، وكان له دور كبير في نشر العلم والمعرفة في وادي عتبة والمناطق المجاورة.

الشيخ عبدالله بن يحيى بن إمحمد بن إبراهيم بن محمد الصَّالح بن الحاج يحيى بن إمحمد بن سلامة بن سليمان الخزرجي الأنصاري (القرن الثالث عشر الهجري)


ولد الشيخ عبدالله بن يحيى ببلدة تساوة بوادي عتبة، وعاش في القرن الثالث عشر الهجري. كان من العلماء البارزين في عصره، وقام بتدريس العلوم الشرعية والعربية في مساجد وزوايا وادي عتبة. اهتم بتربية النشء وتعليمهم القرآن الكريم وعلوم الدين، وكان قدوة في الزهد والتقوى والإخلاص في العمل.

الشيخ الفقيه علي بن يحيى بن محمد الصَّالح بن يحي بن سلامة بن سليمان الخزرجي الأنصاري (1880م-1900م)


عاش الشيخ علي بن يحيى في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلادي. تلقى علومه على يد كبار علماء عصره، وبرع في الفقه والتفسير واللغة العربية. دّرس بجامع السّنوسية بتنين المعروف حاليا بجامع الأنصار من عام 1880م حتى 1900م. كان له دور كبير في نشر العلم ومحاربة الجهل والخرافات، وتخرج على يديه العديد من طلاب العلم الذين أصبحوا فيما بعد من العلماء البارزين.

المجاهد عبد الله السنوسي محمد الزوردي السلائمي الأنصاري (1912م)


ولد المجاهد عبد الله السنوسي ببلدة تساوه بوادى عتبه عام 1912م، وكان من أبرز المجاهدين ضد الاستعمار الإيطالي في منطقة برقة. انضم إلى صفوف المجاهدين تحت قيادة الشيخ المجاهد عمر المختار، وشارك في العديد من المعارك البطولية ضد المستعمر الإيطالي، منها معركة رأس مراوة في 28 مارس 1927م، ومعركة تاكنس في 11 أغسطس 1927م، ومعركة المخيلي في 30 مارس 1931م. قدم تضحيات كبيرة في سبيل تحرير وطنه من الاستعمار، وكان مثالا للشجاعة والإقدام والتضحية.

الشيخ عمر بن محمد بن أبوبكر بن عمر بن عبد الله عمر بن سلامة الأنصاري (الشيخ عمر الرمَّاي) (1904م-1991م)


ولد الشيخ عمر الرماي عام 1904م (1322هـ) بقرية الفخفاخة ببلدة إبريك بوادي الآجال. كان مقرئا ومعلما للقرآن الكريم بالجامع العتيق بقرية الفخفاخة منذ عام 1958م (1377هـ) حتى وفاته عام 1991م. كرس حياته لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام التجويد، فتخرج على يديه العديد من حفظة كتاب الله تعالى. كان مثالا للتفاني والإخلاص في نشر العلم الشرعي وخدمة القرآن الكريم.

الشيخ المناضل الربّاني المهدي السنوسي الزَّوٍرْدي السلائمي الأنصاري (1919م-1982م)


ولد الشيخ المهدي السنوسي ببلدة تساوة بوادي عتبه عام 1919م (1339هـ)، ونشأ وترعرع فيها. بدأ مسيرته التعليمية على يد الفقيه الشيخ عبد الله العربي الجهمي، الذي علمه القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم. ثم انتقل إلى الجزائر طلبا للعلم، حيث استقر في ولاية المنيعة عام 1935م (1353هـ). هناك، زاد تحصيله العلمي على يد الشيخ العلامة المصري الحاج محمد علان الأزهري، خريج الأزهر الشريف، وهو من كبار علماء المنيعة في زمنه.

تلقى الشيخ المهدي على يد أستاذه العلوم الشرعية المختلفة، مثل أصول الفقه والنحو وغيرها، وتربى في كنفه حتى برع في العلوم الدينية. نظرا لعلمه الغزير وأخلاقه الحميدة، عين مدرسا وإماما راتبا وخطيب جمعة وواعظا بالمسجد الكبير بالمنيعة المسمى بمسجد الفاروق في السبعينيات من القرن الماضي. كما كلف بشؤون الأوقاف، وأوكلت إليه مهمة إصدار الفتاوى الدينية.

إضافة إلى نشاطه العلمي والدعوي، شارك الشيخ المهدي في ثورة تحرير الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، خاصة في ولاية المنيعة التي كانت من الولايات الأولى التي ثارت في وجه الاحتلال الفرنسي منذ عام 1852م (1267هـ)، فيما عرف بثورة الأغواط بالجنوب الجزائري. استمر الشيخ المهدي في خدمة العلم والدين حتى وفاته يوم الاثنين 11 ربيع الأول 1403هـ (إبريل 1982م).



ويتضح مما سبق أن أنصار وادي عتبة كانوا على مر العصور منارة للعلم والجهاد والفقه، وقدموا نموذجا رائعا للعطاء والتضحية في سبيل الدين والوطن. تميز هؤلاء العلماء والمجاهدون والفقهاء بالإخلاص والتفاني في خدمة المجتمع، ونشر العلم، ومقاومة المستعمر، وإعلاء كلمة الحق.

لقد تركوا إرثا علميا وجهاديا وفقهيا عظيما، يجب على الأجيال الحالية والقادمة الحفاظ عليه والاستفادة منه، والسير على نهجهم في طلب العلم والعمل به، والدفاع عن الحق ومقاومة الظلم والاستبداد. كما ينبغي العناية بتراثهم العلمي، وتوثيقه ونشره بين الناس، حتى تعم الفائدة وتستمر مسيرة العطاء.

إن تاريخ أنصار وادي عتبة يمثل جزءا مهما من تاريخ المنطقة العربية والإسلامية، ويستحق مزيدا من الدراسة والبحث، لإبراز جهود هؤلاء العلماء والمجاهدين والفقهاء في خدمة الإسلام والمسلمين، ودورهم في الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية في وجه التحديات المختلفة.

الفقيه المدني بن يحيى بن الفقيه علي الخزرجي الأنصاري

الفقيه المدني عالم جليل من سلالة الأنصار، نشأ في بيئة علمية رغم المصاعب التي واجهته بعد استشهاد والده في معركة عين كلكه. تلقى تعليمه على يد الشيخ محمد أحمد الفلاتي في تشاد، حيث أتم حفظ القرآن الكريم وحصل على إجازته، ثم تفقه في العلوم الشرعية ليصبح أحد أبرز العلماء في منطقته. امتاز بمعرفته العميقة في الفقه والتفسير، وكان له دور بارز في نشر العلم والتعليم بين الناس، متحليًا بالصبر والثبات رغم الصعاب. ورغم محاولات المستعمرين للقضاء على ذريته، فإن العناية الإلهية حفظته، ليواصل مسيرة العلم والجهاد.



صورة شخصية للفقيه المدني بن يحيى بن الفقيه علي الخزرجي الأنصاري، العالم الجليل الذي نشأ في بيئة علمية رغم التحديات بعد استشهاد والده. تلقى علومه الشرعية وحفظ القرآن الكريم في تشاد على يد الشيخ محمد أحمد الفلاتي، ليصبح من أبرز علماء منطقته، جامعًا بين العلم والجهاد.



سلالة النور المستمرة


هكذا تظل قصة أنصار وادي عتبة شاهدة على عظمة التاريخ الإسلامي وامتداده عبر الأزمنة والأمكنة. فمن المدينة المنورة، مهبط الوحي ومنطلق الإسلام، إلى قلب الصحراء الليبية، حمل هؤلاء الأنصار الأماجد مشاعل النور والهداية، وأسسوا سلالة مباركة لا تزال تنبض بالعطاء والبذل والتضحية حتى يومنا هذا.

ويبقى أبناء الأنصار في وادي عتبة وغيرها من ربوع ليبيا الحبيبة، يستلهمون من تاريخ أجدادهم الدروس والعبر، ويواصلون مسيرتهم في نشر العلم والفضيلة والخير، مجسدين القول الخالد:

"خير الناس أنفعهم للناس".

فطوبى لهم، وطوبى لأرض احتضنتهم، وطوبى لتاريخ خلد ذكراهم.

إعداد: الباحث يحيى السنوسي الزوردي الأنصاري، الأستاذ جبريل المهدي الزوردي الأنصاري، د. محمد شافعين الأنصاري.

قائمة المراجع:


1. ابن عبد الحكم. "فتوح إفريقية والأندلس". 2004.
2. حميد الله، محمد. "الأنصار: دراسات في تاريخهم ودورهم في صدر الإسلام". 1999.
3. الصلابي، علي. "ليبيا: التاريخ والقبائل والهجرات". 2010.
4. الكونيني، محمد. "أعلام المغاربة في وادي عتبة". 2015.
5. القطعاني، أحمد إبراهيم. "موسوعة القطعاني: الإسلام والمسلمين في ليبيا". 2002.
6. السنوسي، يحيى محمد. "الإلمام بمن حكم فزان منذ الفتح الإسلامي وحتى الاستقلال". 1990.


موضوعات ذات صلة :


 
 


 


 


 


 


 


 


 


 


لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!