السبت، 19 أبريل 2025

كتاب الدر المنثور في ذكر أنساب السادة التميمية الأنصار

الدر المنثور في ذكر أنساب السادة التميمية الأنصار


صورة مزخرفة لعنوان المقال «الدر المنثور في ذكر أنساب السادة التميمية الأنصار»، وقد خُطَّتْ بأسلوب عربي تراثي يعكس الطابع الأصيل للمحتوى التاريخي والنسبي الذي يتناوله هذا العمل.


۞ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ ۞

توطئة هذا المصنف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذا كتاب جمعناه في ذكر أنساب السادة التميمية الأنصار، وما ينتسب إليهم من الأعلام والمشايخ الكرام، ومن بينهم الشيخ منصور الخطيب، نفع الله بعلومهم وبركاتهم.
وقد اعتمدنا في جمعه على المصادر الموثوقة، والمشجرات المعتمدة، والجرود المحفوظة، وما نقل إلينا من الأعيان الثقات من مشايخ الأنساب.


في ذكر أصل السادة التميمية الأنصار ونسبهم

اعلم – أيدك الله بتوفيقه – أن السادة التميمية الأنصار يرجع نسبهم إلى الصحابي الجليل حارثة بن مالك الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه، وهو من بني الخزرج بن حارثة، وهم من الأنصار الذين آووا ونصروا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وسلسلة نسبهم المتصلة من تميم الدار (جد الأنصار التميمية) إلى الصحابي الجليل حارثة بن مالك الأنصاري رضي الله عنه كما يلي:
تميم الدار بن حبيب بن قريش بن جابر بن أبو زيد هجرع (هيرع) بن ربيع (ربيعة) بن هاشم بن تميم الدار بن حبيب بن الصحابي الجليل حارثة بن مالك الأنصاري الخزرجي.

وأما سلسلة النسب من الصحابي الجليل حارثة بن مالك الأنصاري إلى عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، ففيها انقطاع ما يقرب من عشرة أجيال.

وأما نسب الخزرج – وهو جد إحدى قبيلتي الأنصار بالمدينة المنورة – إلى قحطان جد العرب العاربة، فهو:
الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (الأسد) بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

وأما نسب قحطان إلى آدم عليه السلام، فهو:
قحطان بن عابر (هود عليه السلام) بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح (عليه السلام) بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ (إدريس عليه السلام) بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم (أبو البشر عليه السلام).


في ذكر دخول السادة التميمية الأنصار إلى مصر

وأما دخول السادة التميمية الأنصار إلى الديار المصرية، فكان على يد تميم محمد بن تميم بن تمام بن تميم بن محمد بن تمام بن عبد الله بن محمد بن تميم الدار.
وقد انتشر أبناؤه وأحفاده في ربوع مصر، وخاصة في الصعيد، وتفرقوا في البلاد وأصبحوا أمراء ومشايخ وعلماء فضلاء.

وكان من أبرز أبنائه:
الأمير نجم الدين، والأمير شرف الدين، والأمير نصر الدين، والأمير عمران،
وقد أنجب كل منهم ذرية مباركة انتشرت في أنحاء مصر.


في ذكر مواطن السادة التميمية الأنصار وأماكن انتشارهم

فاعلم – أعزك الله – أنهم من أشرف البطون وأعرقها نسبًا، عُرفوا بـكرم الطباع وصدق الولاء والثبات على العهد.
انتشر هؤلاء الكرام في بقاع واسعة من أرض مصر، وكانوا من أكثر الأنصار فروعًا وعددًا، اشتهروا بـالترابط القوي والتكافل فيما بينهم، محافظين على موروثهم وأصالتهم عبر الأجيال.

توزعت ديارهم في:
قنا، حجازة قبلي، الخضيرات، نجع صقر (مركز نجع حمادي)، أولاد نجم التمة، أولاد نجم بهجورة، أولاد نجم القبل، دشنا، السمطا، الشيخ علي، مركز أبو تشت، الخطارة، أبو دياب، صعايدة كلح الجبل، مركز إدفو، مركز إسنا، المخزن قوص، ترعة ناصر، السباعية، الصعايدة، أصفون، الأقصر، دراو، كوم أمبو، المنصورية (محافظة أسوان)، سفاجا (البحر الأحمر)، زاوية أبو مسلم.

وهكذا ظلت رايتهم عالية خفاقة عبر العصور، محافظين على مكارم الأخلاق التي توارثوها كابرًا عن كابر، مجسدين بذلك أصالة الأنصار وشرفهم.


في ذكر الأمير نجم الدين الأنصاري وذريته

الأمير نجم الدين الأنصاري، واسمه تمام أيضًا، بن تميم الدار بن تمام بن أحمد الخزرجي، وينتهي نسبه إلى الصحابي حارثة بن مالك رضي الله عنه.
وتجدر الإشارة إلى أن أم الأمير نجم الدين هي فاطمة الصغرى بنت الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي رضي الله عنهم،
فهو أنصاري من أبيه وشريف من جهة أمه.

وقد قدم الأمير نجم الدين وأسرته إلى مصر عام 700 هـ، ومكث في الجيزة 7 سنوات، ثم تحرك إلى النوبة.


صورة تخيلية للأمير نجم الدين التميمي الأنصاري، أمير أسوان والنوبة، يظهر فيها جالسًا على عرشه تحيط به كوكبة من جنوده، ويستمع إلى مطالب الرعية، بينما يقف بجواره فارس يحمل راية كُتب عليها "الأنصاري"، في مشهد يعكس هيبته وعدله.
صورة تخيلية للأمير نجم الدين التميمي الأنصاري، أمير أسوان والنوبة بين جنودة ورعيته

ومن أولاده:

  1. مبارك، وله من الأولاد: عادل وعامر وسعد.
  2. عون الله، وله من الأولاد: حسين، ضرغام، راهب، عبد الله.
  3. نصر الدين، وله ولد يسمى نصر الله.
  4. حسين، وأولاده: الأسد، فياض، وآخرون.
  5. عبد الله (مات صغيرًا).
  6. غالي، وأولاده: حربي، وآخرون.
  7. مالك.
  8. مسلم.
  9. جمال الدين.
  10. الأمير شاد الدين، وله من الأولاد: نصر الدين، حماد، سالم، عايد، وآخرون.

وينسب هوارة نجمية الغرب إلى الأمير نجم الدين التميمي الأنصاري،
وعن كلمة "هوارة"، فترجع لاشتراك النجمية وبعض القبائل العربية مثل بني سليم والسادة الأشراف في حلف شيخ العرب همام بن يوسف،
وذلك في عهد المماليك أيام علي بك الكبير، فيما عرف بـحلف هوارة.


في ذكر الأمير نصر الدين التميمي الخزرجي الأنصاري: ملك النوبة وشيخ الأنصار

هو الشيخ الأمير نصر الدين الأنصاري، الذي تولى حكم النوبة ودنقلة في عهد الظاهر بيبرس والسلطان برقوق. وسُمّيت منطقة العمرانية بالجيزة باسم أخيه القطب عامر.

تفيدنا بعض المراجع والمصادر التاريخية بأن الإمارة في دنقلة قد انتقلت إلى أولاد الأمير شرف الدين، وأنهم ما لبثوا أن تصارعوا على الإمارة، ثم استولى عليها عمهم الأمير نصر الدين، وحوّلها من مجرد إمارة إلى مملكة، وأصبح يُلقّب بـ "ملك النوبة".
وخاطب السلطان المملوكي الشركسي الملك الظاهر سيف الدين برقوق برسائل بهذا الشأن، وقد أقره السلطان برقوق على ذلك.

ثم انقلب عليه أبناء عمه شرف الدين مرة أخرى، فحضر إلى القاهرة سنة 800 هـ، وطلب من السلطان إعادته إلى ملكه.
أقام وقتها لسنوات بمنطقة الجيزة، وله شواهد هناك، وبها دُفن رضي الله عنه (وتُنسَب إليه منطقة نصر الدين بالهرم). وكان للأمير نصر الدين وأولاده الكثير من الأراضي والأوقاف بنواحي الجيزة.

استعان بالسلطان برقوق في رد ملكه إليه، فأرسل فرج بن برقوق مع ابنه نصر الله حملة أعادته إلى ملكه في دنقلة.

أولاد الأمير نصر الدين:

  1. نصر الله.
  2. مسلم (وتُنسَب إليه زاوية مسلم).
  3. عامر (وتُنسَب إليه مدينة عامر ببولاق والشيخ عامر بالمنصورية بدراو).

وللأمير نصر الدين أحفاد بزاوية أبو مسلم بالجيزة والمنصورية بمركز دراو، والبقية في السودان.



في ذكر أضرحة ومقامات مشايخ وأمراء السادة الأنصار التميمية في مصر

لقد خلّد التاريخ ذكر أمراء ومشايخ السادة الأنصار التميمية في مصر، وحفظت أضرحتهم ومقاماتهم في أنحاء مختلفة من البلاد، ومنها:

  • الأمير نجم الدين بن تميم، وضريحه بباب النصر بالقاهرة.
  • الأمير شرف الدين بن تميم، وضريحه بالكيسنجر بالسودان.
  • الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بالهرم بالجيزة.
  • الأمير عمران بن تميم، وضريحه بدراو - أسوان.

نقش حجري على مقام الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين، بجوار ضريح عمه الأمير عمران في مدينة دراو – أسوان، يُظهر نسبه إلى الخزرج من الأنصار، وتاريخ وفاته في الحادي عشر من شوال سنة 752 هـ، مما يُبرز عراقة نسبه ومكانته في التاريخ المحلي.

  • الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين، وضريحه بجوار عمه الأمير عمران بدراو - أسوان.
  • الأمير غالي بن الأمير نجم الدين بن تميم، وضريحه بإسنا.
  • الأمير عون بن الأمير نجم الدين بن تميم، وضريحه بإسنا.
  • الأمير مبارك بن الأمير نجم الدين بن تميم، وضريحه بقصر الصياد - نجع حمادي - محافظة قنا.
  • الشيخ رزيق بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بالكلابية - إسنا.
  • الشيخ علي بن حسين أبو الروح بن محمد المراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بفاو - دشنا.
  • الشيخ عبد المولى أبو عشرين بن رزيق بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بدراو - أسوان.
  • الشيخ عبد الله أبو عشرين بن رزيق بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه ببنبان - أسوان.
  • الشيخ مكي الخطيب بن الشيخ سرور بن الشيخ اعوض بن الشيخ منصور بن محمد بن رزيق الأصغر بن عبد الله بن أبو عشرين بن رزيق بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بصوص - نقادة - قنا.
  • الشيخ أحمد حميرة الشهير بضرغام بن محمد بن رزيق الأصغر بن عبد الله بن أبو عشرين بن رزيق بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بقرية طفنيس المطاعنة - إسنا - محافظة الأقصر.
  • الشيخ موسى أبو حجازي بن الشيخ عويضة بن الشيخ سلطان من ذرية حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بقرية الجبلين - إسنا.
  • الشيخ أحمد السنجق من ذرية سراج الدين بن الشيخ عمران بن تميم، وضريحه بمدينة دشنا - محافظة قنا.
  • الشيخ عثمان بن عيسى بن عبد الله بن علي بن نصر الدين بن الشيخ وهيب بن ناصر الدين بن الأمير شرف الدين بن تميم، وضريحه بترعة الشيخ ناصر - إسنا - محافظة الأقصر.

جدارية رخامية على مقام الشيخ عثمان بن عيسى بن عبد الله بن علي بن نصر الدين بن الشيخ وهيب بن ناصر الدين بن الأمير شرف الدين بن تميم، في ترعة الشيخ ناصر بمدينة إسنا – محافظة الأقصر. كُتب عليها: "هذا مقام العالم العلّامة الشيخ عثمان بن عيسى بن عبد الله إلى الشيخ ناصر الأنصاري، الذي توفي صباح يوم الاثنين 17 ذي القعدة سنة 1227هـ الموافق 1812م"، وتُظهر الجدارية عمق النسب الأنصاري وعراقة سلالة تميم في جنوب مصر.

  • الشيخ الشيباني من ذرية الشيخ موسى أبو حجازي بن الشيخ عويضة بن الشيخ سلطان من ذرية حسين أبو الروح بن محمد النبراسي بن الشيخ عامر بن الأمير نصر الدين بن تميم، وضريحه بقرية النجوع - إسنا - محافظة الأقصر.
  • الشيخ الطواب من ذرية سراج الدين بن الشيخ عمران بن تميم، وضريحه بمدينة قوص - محافظة قنا.
  • الشيخ عبد الرحيم أحمد السنجق صاحب الكرامات الظاهرة والأسرار الباهرة ، العالم الظاهر والحكيم الماهر الذي عرف بجميع الأقطار فريد زمانه، وثاني أبناء الشيخ محمد الصعيدي وثاني أحفاد الشيخ الكبير العارف بالله سيدي أحمد السنجق .

الصورة الأولى تُظهر المدخل الخارجي لمقام الشيخ عبد الرحيم أحمد السنجق الأنصاري، والثانية تُظهر الضريح من الداخل. الشيخ عبد الرحيم هو ثاني أبناء الشيخ محمد الصعيدي، وثاني أحفاد العارف بالله سيدي أحمد السنجق، ويُعد من العلماء المعروفين في جنوب الصعيد.

الصورة الثاني تُظهر من الداخل مقام الشيخ عبد الرحيم أحمد السنجق الأنصاري، والثانية تُظهر الضريح من الداخل. الشيخ عبد الرحيم هو ثاني أبناء الشيخ محمد الصعيدي، وثاني أحفاد العارف بالله سيدي أحمد السنجق، ويُعد من العلماء المعروفين في جنوب الصعيد.



في ذكر سيرة العالم العلامة الشيخ منصور الخطيب

وأما الشيخ منصور الخطيب، فهو أحد أعلام السادة التميمية الأنصار، وهو العالم العلامة الفقيه الزاهد الواعظ الخطيب الشيخ منصور بن محمد بن رزيق الأصغر بن عبد الله (دفين بنبان) بن أبو عشرين بن رزيق (دفين الكلابية - إسنا) بن حسين أبو الروح بن محمد النبراسي (المراسي) (المداس) بن الشيخ العالم الزاهد الشيخ عامر (صاحب المقام المشهور بدراو - أسوان) ابن الأمير نصر الدين (صاحب المقام المشهور بالهرم - الجيزة) بن تميم.

وقد وُلد الشيخ منصور ونشأ وترعرع في أسرة كريمة محبة للعلم، حريصة على تحصيله لأبنائها، توقر العلماء وتجلهم. ولا عجب في ذلك، فقد وُلِد في بلد العلم والعلماء، بلد الحضارة والتاريخ. وُلد بإسنا في أواخر القرن التاسع الهجري، فطلب له العلم صغيراً، وتشرب به يافعاً، حتى بلغ منه مبلغاً عظيماً.

وقد انتدب الشيخ منصور لنشر العلم بعيداً عن مسقط رأسه، فنزل إلى قرية دنفيق (التابعة حالياً لمركز نقادة - محافظة قنا)، فأقام بها في النصف الأول من القرن العاشر الهجري، ينشر العلم، ويفقه الناس، ويعلمهم أمور دينهم.

أقام الشيخ منصور بدنفيق معلماً، وإماماً، وواعظاً، وخطيباً، لذا لقب بـ(الخطيب) وعُرف أبناؤه وذريته من بعده باسم (الخطبا) أو (آل الخطيب). وقد انتشرت ذريته في قرى صوص ودنفيق، وأيضاً بحاجر دنفيق حيث يقيمون بنجع يحمل اسمهم (نجع الخطبة).

وتجدر الإشارة إلى أن اسم (الخطيب) ينتشر في كثير من القرى والمدن في مصر والدول العربية، مع ملاحظة اختلاف أنسابهم، فمنهم الحسني، ومنهم الحسيني، ومنهم العقيلي، ومنهم الأنصاري، ومنهم البكري الصديقي وغيرهم.

وللشيخ منصور الخطيب أخ عالم فقيه بلغ شأواً عظيماً من العلم، وتبوأ المرتبة العليا منه، هو الشيخ أحمد حميرة صاحب المقام المشهور بطفنيس المطاعنة - إسنا، الذي تولى منصب القضاء، فكان قاضياً لبلاد المطاعنة في القرن العاشر الهجري.

كان الشيخ أحمد حميرة - رحمه الله - قاضياً عادلاً، لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يحيد عن القضاء بالحق قيد أنملة، فلا يرهبه ذا مال أو جاه أو سلطان، ولا يحابي في الحق أحداً لأجل دنيا فانية زائلة. وقد علم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ." رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

فلا غرو أن يُلقب الشيخ أحمد حميرة بـ(ضرغام)، والضرغام هو الأسد. وتعرف ذريته اليوم باسم (الحميرات) أو (آل أبو حميرة) أو (بيت أبو حميرة)، ويقيمون حيث مقام جدهم ب طفنيس المطاعنة - مركز إسنا - محافظة الأقصر.


وهكذا، أيها القارئ اللبيب، طوَّفنا بك في رياض السادة التميمية الأنصار، وسقنا إليك سيرة مباركة من مجدٍ عتيق، ونسبٍ رفيع، وجذورٍ ضاربة في عمق التاريخ، موصولة بسيدنا حارثة بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، أحد سادة الأنصار الذين نصروا نبي الأمة صلى الله عليه وسلم، فخلّد الله ذكرهم، ورفع شأنهم، وجعلهم شامة في جبين التاريخ.

تأمل كيف انتقلت هذه الذرية المباركة من يثرب إلى مصر، وكيف أقاموا بها راية العز، فصاروا أمراء ومشايخ وقادة، فبزغ نجم الأمير نجم الدين وأخوه نصر الدين، وكيف امتدت فروعهم في بقاع الصعيد والوجه البحري، حتى صار لهم في كل ناحية أثر، وفي كل بقعة ضريح، وفي كل زمان ذكر.

فهؤلاء القوم لم يكونوا مجرد نازحين، بل كانوا حملة تراث ونسب، وسادة قوم، وأمناء على دينهم وأعرافهم. حافظوا على وحدة النسب، وثبّتوا أركان العائلة، وخلدوا سير الأجداد بمواقفهم، ومآثرهم، وسيرتهم الزكية التي عطّرت صفحات التاريخ.

لقد أدركنا من خلال هذا المقال أن السادة التميمية الأنصار لم يكونوا مجرد قبيلة، بل كانوا مدرسة في الفضل، ومشكاة للعلم، ومنارة للكرم والنجدة. غرسوا في الديار المصرية أعمدة المجد، وأورثوا أبناءهم مكارم الأخلاق، وربوا أجيالاً على السنة، وحملوا في قلوبهم إرث الأنصار، واعتزازهم بأنهم نصروه صلى الله عليه وسلم في المدينة، وحملوا نوره إلى مشارق الأرض ومغاربها.

فيا من قرأت هذه الصفحات، أما آن لقلبك أن يتأمل في عظمة هذا النسب؟ وأن يتدبر في شرف هذا السند المبارك الموصول بالنبي وأهل بيته وصحابته الكرام؟

وها نحن نختم هذا السفر النبيل، سائلين المولى جل وعلا أن يبارك في السادة التميمية الأنصار، وفي ذريتهم، وأن يجعل ما سطرناه خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لطلّاب العلم والنسب، محفوظًا في سجلات الدهر، باقٍ في قلوب الأجيال.


فهل تعلم، أيها القارئ الفاضل، فروعًا أخرى من السادة التميمية الأنصار انتشرت في الديار المصرية لم نذكرها بعد؟


فإن كان عندك علمٌ فزدنا به، وإن كنت طالبًا له، فسر معنا في دروب هذا العلم الشريف، فإن النسب أمانة، ومن وفى بالأمانة، فقد أدى حقًا وجب في أعناق الرجال.

لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!



موضوعات ذات صلة :










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك