من الفاطميين إلى الزناتي خليفة: الحقيقة المجهولة عن السيرة الهلالية
مقدمة السلسلة
هل تساءلت يومًا كيف صاغ الإعلام الشعبي خيالنا؟ كيف تحوّل الزناتي خليفة من بطل سنّي إلى خصم شرير في حكايات الربابة؟
في هذه السلسلة الموثقة، نكشف ما غيّبته الروايات الملفقة وسكت عنه الإعلام، لنُعيد قراءة التاريخ كما كان، لا كما أراده المروّجون.
نبدأ مع شخصية الزناتي خليفة، الذي خاض معركة مصيرية في قلب المغرب الإسلامي ضد الدولة الفاطمية الباطنية.
الحلقة الأولى: حقيقة الزناتي خليفة وأصل التغريبة الهلالية
(بعد المديح في المُكَمَّل... أحمد أبو درب سالك... نحكي في سيرة وكَمِّل... عرب يُذكروا قبل ذلك... سيرة عرب أقدمين... كانوا ناسًا يخشون الملامة... رئيسهم أسدٌ سبعٌ ومتين... يُسمى الزناتي خليفة)
كانت بلاد المغرب قبل تأسيس الدولة الفاطمية تدين بالولاء للخلافة العباسية. وفي عام 789 ميلادية، تأسست الدولة الفاطمية على أساس المذهب الإسماعيلي، وبنى الخليفة المهدي عاصمته على ساحل البحر المتوسط، وسمّاها المهدية.
أخذت الدولة الفاطمية في التوسع نحو الشام والحجاز والعراق، ثم مصر، التي استولى عليها جوهر الصقلي وأسقط بها الحكم العباسي، وأسس مدينة القاهرة عاصمةً للفاطميين، لينتقل إليها الخليفة المعز لدين الله، ويُولي بلكين بن زيري الصنهاجي على بلاد المغرب، ليستمر حكم الصناهجة من مدينة القيروان تحت رداء الدولة الفاطمية.
وفي عام 1016م، توفي الزيري باديس الصنهاجي، ليخلفه ابنه المعز بن باديس، المعروف باسم الزناتي خليفة.
وما إن اشتد عوده حتى أرسل ولاءه إلى القاهرة، فمنحه الخليفة المستنصر بالله لقب "شرف الدولة" اعترافًا بملكه على بلاد المغرب.
لكن في عام 1043م، وقعت حادثة غيرت مجرى التاريخ، حين نشبت خلافات في القيروان بين أهل السنة والطائفة الإسماعيلية الأرستقراطية، فتطورت إلى ثورة سنية كبرى.
اتخذ الزناتي خليفة موقفًا حاسمًا، وخلع طاعة الفاطميين، وأعلن ولاءه للخلافة العباسية.
نصّبه الخليفة العباسي القائم بأمر الله حاكمًا على إفريقيا، وأصبح بطلاً من أبطال السنة في شمال أفريقيا.
كان السلطان المعز بن باديس (الزناتي) هو من قضى على النفوذ العبيدي الشيعي في الشمال الإفريقي، وطهّره من الفكر الباطني.
فمنذ أن سيطر الفاطميون على بلاد المغرب، وملوك صنهاجة نوابٌ عنهم، يخطبون باسمهم في المساجد.
لكن المعز كان محبًا لأهل السنة، فأعلن مذهبه، ولعن الرافضة، وألغى المذهب الإسماعيلي، وبدأ في حملات تطهير عقدية.
أوعز إلى العامة والجنود بقتل من يشتم الصحابة، وخاصة أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
فاشتعلت الثورة، وسارع الناس في كل الشمال الإفريقي إلى القضاء على بقايا الدولة العبيدية، فصار المغرب سنيًا خالصًا.
غضب الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وعقد مجلسًا باطنيًا بقيادة وزيره أبي محمد بن علي اليازوري، الذي تبنّى خطة شيطانية:
إرسال قبائل بني هلال وغيرها من العرب إلى المغرب لضرب الدولة الزيرية السنية.
فإن انتصرت الزيرية، تخلصت الدولة الفاطمية من خطر القبائل، وإن انتصرت القبائل، ثأروا من الزناتي المعادي لهم.
بدأ الوزير في إغراء العرب على ضفاف النيل، وأعطاهم دينارًا لكل عابر، وأباح لهم بلاد المغرب.
فاجتاحت جموعهم البلاد، وزادت الأزمة الاقتصادية، وانهارت الدولة، وبدأت مرحلة التغريبة الهلالية،
الصراع الكبير بين الزناتي خليفة والقبائل العربية المدعومة من الفاطميين.
إلى لقاء قريب في الحلقة القادمة بإذن الله...
المصادر لمن أراد التوثيق:
- سير أعلام النبلاء
- تاريخ ابن خلدون
- تاريخ الفتح العربي في ليبيا
- الدولة الفاطمية – د. علي الصلابي
- المشاهير والأعلام – المعز بن باديس (الزناتي خليفة)
تم نشر هذا المقال بإذن خاص من صاحبه: [رابط صفحة الكاتب على فيسبوك]
جميع الحقوق محفوظة لصاحب السلسلة، وقد تم إعداد هذا النشر بتنسيق خاص لتيسير الاطلاع والبحث.
◾الحلقة الثانية:
◾الحلقة الثالثة:
لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك